خفّفِ السّيْرَ واتّئِدْ يا حادي

خفّفِ السّيْرَ واتّئِدْ يا حادي
إنّما أنتَ سائقٌ بفُؤادي
ما تَرى العِيسَ بينَ سَوقٍ وشَوْقٍ
لرَبيعِ الرُّبوعِ غرْثَى صوادي
لم تُبَقّي لها المَهامِهُ جِسْماً
غيرَ جِلْدٍ على عظامٍ بَوادي
وتحَفّتْ أخْفَافُها فَهيَ تمشي
مِن وَجاها في مِثل جَمْرِ الرّمادِ
وبَراها الوَنَى فحَلّ بُراها
خَلّهَا تَرْتَوِي ثِمَادَ الوِهادِ
شَفّها الوَجْدُ إن عَدِمتَ رِواها
فاسقِها الوخْدَ من جِفارِ المِهادِ
واسْتَبِقْهَا واستَبْقِهَا فهيَ ممّا
تترامَى به إلى خَيْرِ وادِ
عَمْرُكَ اللَّه إن مرَرتَ بوادي
ينْبُعٍ فالدُّهَينا فبدرٍ فغادي
وسَلَكْتَ النّقا فَأَوْدانَ وَدّا
ن إلى رَابغِ الرّويّ الثّمادِ
وقَطَعْتَ الحِرَارَ عَمداً لخَيما
تِ قُدَيدٍ مَواطنِ الأمجادِ
وتَدَانَيتَ منْ خُلَيْصٍ فعُسْفا
نَ فمَرِّ الظَّهرانِ ملْقَى البوادي
وَوَرَدتَ الجمومَ فالقَصْرَ فالدّكْ
ناء طُرّاً مناهلَ الوُرّادِ
وأَتَيْتَ التّنعيمَ فالزّاهرَ الزّا
هِرَ نَوراً إلى ذُرى الأطوادِ
وعَبَرْتَ الحُجون واجتَزْتَ فاخترْ
تَ ازدياداً مشاهدَ الأوتادِ
وبَلَغْتَ الخيامَ فأبلِغْ سلامي
عنْ حفاظٍ عُرَيْب ذاك النّادي
وتَلَطّفْ واذكُرْ لهُمْ بعض ما بي
من غرامٍ ما إنْ لَه من نَفادِ
يا أَخِلّايَ هَلْ يَعودُ التّداني
منكُمُ بالحِمَى بعَوْد رفادي
مَا أَمَرّ الفراقَ يا جيرَة الحي
يِ وأحْلَى التّلاقِ بعدَ انفرادِ
كيف يَلتَذّ بالحياة مُعَنّىً
بَين أحشائه كَوَرْيِ الزّنادِ
عُمْرُهُ واصطبَارُهُ في انتِقَاصٍ
وجَواهُ ووَجْدُهُ في ازديادِ
في قُرى مصرَ جسمُهُ والأُصَيْحَا
بُ شآماً والقلبُ في أجيادِ
إنْ تَعُدْ وَقْفَةٌ فُوَيْق الصُّحَيْرَا
ت رَواحاً سَعدتُ بَعد بعادي
يا رعَى اللَّهُ يومنا بالمصَلّى
حيثُ نُدْعى إلى سبيل الرّشادِ
وقِبابُ الركابِ بَينَ العُلَيْمَيْ
نِ سِراعاً للمأزِمَيْنِ غوادي
وسقَى جَمْعَنا بجَمْعٍ مُلِثّاً
ولُيَيْلاَتِ الخَيْفِ صَوْبُ عِهادِ
مَنْ تَمَنّى مالاً وحُسْنَ مآلٍ
فَمُنائي مِنىً وأقصى مُرادي
يا أُهَيْلَ الحِجَازِ إنْ حَكَم الدّهْ
رُ بِبَيْنٍ قضاءَ حَتمٍ إرادي
فغَرامي القديمُ فيكُمْ غرامي
ووِدادي كما عَهِدْتُمْ وِدَادِي
قد سَكَنْتُمْ منَ الفُؤادِ سُوَيْدَا
هُ ومنْ مُقْلَتي سواءَ السّوادِ
يا سميري رَوّحْ بمَكّةَ رُوحي
شادِياً إنْ رَغِبْتَ في إسعادي
فذُراها سِرْبي وطيبي ثَراها
وسبيلُ المَسِيلِ وِرْدِي وزادي
كان فيها أُنسي ومِعْراجُ قُدْسِي
ومُقامي المَقامُ والفتحُ بادِ
نقلَتني عنها الحُظُوظُ فجُذّتْ
وارِدَاتي ولمْ تَدُمْ أوْرَادي
آهِ لو يَسْمَحُ الزَّمانُ بعَوْدٍ
فعسَى أن تعودَ لي أعْيادي
قَسَماً بالحطيم والرُّكنِ والأسْ
تَارِ والمَرْوَتَيْنِ مَسْعَى العِبَادِ
وظِلاَلِ الجنابِ والحِجرِ والميْ
زابِ والمُسْتَجَاب للقُصّادِ
ما شَمِمْتُ البَشامَ إلّا وأهدَى
لِفؤادي تحيّةً من سعادِ
ابن الفارض
ابن الفارض

ابن الفارض576 - 632 هـ /1188 - 1235 معُمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقب شرف الدين بن الفارض. شاعر متصوف، يلقب بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود). عمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، أبو حفص وأبو القاسم، شرف الدين ابن الفارض. أشعر المتصوفين. يلقب بسلطان العاشقين. في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود) قدم أبوه من حماة (بسورية) إلى مصر، فسكنها، وصار يثبت الفروض للنساء على الرجال بين يدي الحكام، ثم ولي نيابة الحكم فغلب عليه التلقيب بالفارض. وولد له (عمر) فنشأ بمصر في بيت علم وورع. ولما شبّ اشتغل بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذري وغيره. ثم حبب إليه سلوك طريق الصوفية، فتزهد وتجرد، وجعل يأوي إلى المساجد المهجورة في خرابات القرافة (بالقاهرة) وأطراف جبل المقطم. وذهب إلى مكة في غير أشهر الحج، فكان يصلي بالحرم، ويكثر العزلة في واد بعيد عن مكة، وفي تلك الحال نظم أكثر شعره. وعاد إلى مصر بعد خمسة عشر عاماً، فأقام بقاعة الخطابة بالأزهر، وقصده الناس بالزيارة، حتى أن الملك الكامل كان ينزل لزيارته. وكان جميلاً نبيلا، حسن الهيئة والملبس، حسن الصحبة والعشرة، رقيق الطبع، فصيح العبارة، سلس القياد، سخياً جواداً. وكان أيام ارتفاع النيل يتردد إلى مسجد في (الروضة) يعرف بالمشتهى، ويحب مشاهدة البحر في المساء. وكان يعشق مطلق الجمال. ونقل المناوي عن القوصي أنه كانت للشيخ جوار بالبهنسا، يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشبابة وهو يرقص ويتواجد، قال المناوى: (ولكل قوم مشرب، ولكل مطلب، وليس سماع الفساق كسماع سلطان العشاق) ثم قال: (واختلف في شأنه، كشأن ابن عربي، والعفيف التلمساني، والقونوي، وابن هود، وابن سبعين، وتلميذه الششتري، وابن مظفر، والصفار؛ من الكفر إلى القطبانية، وكثرت التصانيف من الفريقين في هذه القضية) وقال الذهبي: كان سيد شعراء عصره وشيخ (الاتحادية) وما ثم إلا زيّ الصوفية وإشارات مجملة، وتحت الزيّ والعبارة فلسفة وأفاعي !(كذا) وأورد ابن حجر أبياتا صرح فيها ابن الفارض بالاتحاد، كقوله:|#وفي موقفي لا بل إليَّ توجهي=ولكن صلاتي لي ومني كعبتي|له (ديوان شعر - ط) جمعه سبطه عليّ. وشرحه كثيرون منهم حسن البوريني وعبد الغني النابلسي. وشرحاهما مطبوعان. ولمحمد مصطفى حلمي (ابن الفارض والحب الإلهي - ط) وليوحنا قمير (ابن الفارض - ط).

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR