قِفْ بالدّيَارِ وحَيّ الأربُعَ الدُّرُسا

قِفْ بالدّيَارِ وحَيّ الأربُعَ الدُّرُسا
ونادِها فعَساهَا أن تجيبَ عَسَى
وإنْ أَجَنَّكَ ليلٌ مِن تَوَحّشِهَا
فاشعَلْ من الشَّوق في ظَلمائِها قبسا
يا هل دَرَى النّفَرُ الغادونَ عن كَلِفٍ
يبيتُ جِنْحَ اللّيالي يَرْقُب الغَلَسا
فإن بَكَى في قِفَارٍ خِلْتَها لُججاً
وإن تَنَفّس عادتْ كُلّهَا يَبَسا
فَذو المَحاسِنِ لا تُحْصَى محاسْنُهُ
وبارِعُ الأُنْسِ لا أَعْدمْ به أُنُسا
كم زارني والدّجى يَرْبدّ من حَنَقٍ
والزهْرُ تبسِمُ عن وَجْهِ الذي عَبَسَا
وابتَزَّ قلبيَ قَسراً قُلتُ مَظْلَمةً
يا حاكمَ الحبّ هذا القلبُ لِمْ حُبِسا
غَرَسْتُ باللّحظ وَرْداً فوقَ وجنَتِهِ
حقٌّ لطَرْفَيَ أنْ يَجني الذي غرسا
فإن أَبَى فالأقاحي منهُ لي عِوَضٌ
مَنْ عُوّض الدُّرّ عن زهرٍ فما بخِسا
إنْ صالَ صِلُّ عِذَارَيْهِ فلا حَرَجٌ
أنْ يجْنِ لَسْعاً وأني أجتَني لَعَسَا
كم باتَ طَوْعَ يدي والوصلُ يجمعُنا
في بُرْدَتَيْهِ التّقى لا نعرِفُ الدّنَسا
تلكَ اللّيالي التي أعدَدْتُ من عُمُري
معَ الأحِبّةِ كانت كُلّها عُرُسا
لم يحلُ للعينِ شيء بعدَ بُعْدِهِم
والقلبُ مُذْ آنس التّذكارَ ما أَنِسا
يا جَنّةً فارَقَتْهَا النفسُ مُكْرَهةً
لولا التّأسّي بدارِ الخُلْدِ مُتُّ أسى
ابن الفارض
ابن الفارض

ابن الفارض576 - 632 هـ /1188 - 1235 معُمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقب شرف الدين بن الفارض. شاعر متصوف، يلقب بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود). عمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، أبو حفص وأبو القاسم، شرف الدين ابن الفارض. أشعر المتصوفين. يلقب بسلطان العاشقين. في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود) قدم أبوه من حماة (بسورية) إلى مصر، فسكنها، وصار يثبت الفروض للنساء على الرجال بين يدي الحكام، ثم ولي نيابة الحكم فغلب عليه التلقيب بالفارض. وولد له (عمر) فنشأ بمصر في بيت علم وورع. ولما شبّ اشتغل بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذري وغيره. ثم حبب إليه سلوك طريق الصوفية، فتزهد وتجرد، وجعل يأوي إلى المساجد المهجورة في خرابات القرافة (بالقاهرة) وأطراف جبل المقطم. وذهب إلى مكة في غير أشهر الحج، فكان يصلي بالحرم، ويكثر العزلة في واد بعيد عن مكة، وفي تلك الحال نظم أكثر شعره. وعاد إلى مصر بعد خمسة عشر عاماً، فأقام بقاعة الخطابة بالأزهر، وقصده الناس بالزيارة، حتى أن الملك الكامل كان ينزل لزيارته. وكان جميلاً نبيلا، حسن الهيئة والملبس، حسن الصحبة والعشرة، رقيق الطبع، فصيح العبارة، سلس القياد، سخياً جواداً. وكان أيام ارتفاع النيل يتردد إلى مسجد في (الروضة) يعرف بالمشتهى، ويحب مشاهدة البحر في المساء. وكان يعشق مطلق الجمال. ونقل المناوي عن القوصي أنه كانت للشيخ جوار بالبهنسا، يذهب إليهن فيغنين له بالدف والشبابة وهو يرقص ويتواجد، قال المناوى: (ولكل قوم مشرب، ولكل مطلب، وليس سماع الفساق كسماع سلطان العشاق) ثم قال: (واختلف في شأنه، كشأن ابن عربي، والعفيف التلمساني، والقونوي، وابن هود، وابن سبعين، وتلميذه الششتري، وابن مظفر، والصفار؛ من الكفر إلى القطبانية، وكثرت التصانيف من الفريقين في هذه القضية) وقال الذهبي: كان سيد شعراء عصره وشيخ (الاتحادية) وما ثم إلا زيّ الصوفية وإشارات مجملة، وتحت الزيّ والعبارة فلسفة وأفاعي !(كذا) وأورد ابن حجر أبياتا صرح فيها ابن الفارض بالاتحاد، كقوله:|#وفي موقفي لا بل إليَّ توجهي=ولكن صلاتي لي ومني كعبتي|له (ديوان شعر - ط) جمعه سبطه عليّ. وشرحه كثيرون منهم حسن البوريني وعبد الغني النابلسي. وشرحاهما مطبوعان. ولمحمد مصطفى حلمي (ابن الفارض والحب الإلهي - ط) وليوحنا قمير (ابن الفارض - ط).

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR