فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ

فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ
وَجِسمٌ لا يُفارِقُهُ السَقامُ
وَأَجفانٌ تَبيتُ مُقَرَّحاتِ
تَسيلُ دَماً إِذا جَنَّ الظَلامُ
وَهاتِفَةٌ شَجَت قَلبي بِصَوتٍ
يَلَذُّ بِهِ الفُؤادُ المُستَهامُ
شُغِلتُ بِذِكرِ عَبلَةَ عَن سِواها
وَقُلتُ لِصاحِبي هَذا المَرامُ
وَفي أَرضِ الحِجازِ خِيامُ قَومٍ
حَلالُ الوَصلِ عِندَهُمُ حَرامُ
وَبَينَ قِبابِ ذاكَ الحَيِّ خَودٌ
رَداحٌ لا يُماطُ لَها لِثامُ
لَها مِن تَحتِ بُرقُعِها عُيونٌ
صِحاحٌ حَشوُ جَفنَيها سَقامُ
وَبَينَ شِفاهِها مِسكٌ عَبيرٌ
وَكافورٌ يُمازِجهُ مُدامُ
فَما لِلبَدرِ إِن سَفَرَت كَمالٌ
وَما لِلغُصنِ إِن خَطَرَت قَوامُ
يَلُذُّ غَرامُها وَالوَجدُ عِندي
وَمَن يَعشَق يَلَذُّ لَهُ الغَرامُ
أَلا يا عَبلَ قَد شَمِتَ الأَعادي
بِإِبعادي وَقَد أَمِنوا وَناموا
وَقَد لاقَيتُ في سَفَري أُموراً
تُشَيِّبُ مَن لَهُ في المَهدِ عامُ
وَبَعدَ العُسرِ قَد لاقَيتُ يُسراً
وَمَلكاً لا يُحيطُ بِهِ الكَلامُ
وَسُلطاناً لَهُ كُلُّ البَرايا
جُنودٌ وَالزَمانُ لَهُ غُلامُ
يَفيضُ عَطاؤُهُ مِن راحَتَيهِ
فَما نَدري أَبَحرٌ أَم غَمامُ
وَقَد خَلَعَت عَلَيهِ الشَمسُ تاجاً
فَلا يَغشى مَعالِمَهُ ظَلامُ
جَواهِرُهُ النُجومُ وَفيهِ بَدرٌ
أَقَلُّ صِفاتِ صورَتِهِ التَمامُ
بَنو نَعشٍ لِمَجلِسِهِ سَريرٌ
عَلَيها وَالسَماواتُ الخِيامُ
وَلَولا خَوفُهُ في كُلِّ قُطرٍ
مِنَ الآفاقِ ما قَرَّ الحُسامُ
جَميعُ الناسِ جِسمٌ وَهوَ روحٌ
بِهِ تَحيا المَفاصِلُ وَالعِظامُ
تُصَلّي نَحوَهُ مِن كُلِّ فَجٍّ
مُلوكُ الأَرضِ وَهوَ لَها إِمامُ
فَدُم يا سَيِّدَ الثَقَلَينِ وَاِبقى
مَدى الأَيّامِ ما ناحَ الحَمامُ
عَنْتَرَة بْنْ شَدَّادْ
عَنْتَرَة بْنْ شَدَّادْ

أَبُو اَلْفَوَارِسْ عَنْتَرَة بْنْ شَدَّادْ بْنْ قُرَادِ اَلْعَبْسِيّ (525م - 608م) فارِس عَربي يُعَد من أشهر شُعراء فَترة ما قبل الإسلام. أشتهرَ بِشعر الفُروسية، وبِغَزلهِ العَفيف مَع مَعشوقَته عبلة عدّه ابن سلّام من الطّبقة السّادسة من الشّعراء مع أصحاب الواحدة. وهو أحد أغربة العرب الثّلاثة: (عنترة، وأمّه زبيبة، وخفاف بن عُمير الشّريديّ، وأمّه ندبة، والسُّليك بن عمرو السّعديّ، وأمّه سلكة)۔ وكان أبوه قد نفاه، وكان العرب في الجاهلية إذا كان لأحدهم ولد من أمّة (جارية) استعبده، ثم ادَّعاه بعد الكبر واعترف به وألحقه بنسبه. وكان سبب ادعاء أبيه إيّاه أن بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس فأصابوا منه واستاقوا إبلًا فتبعهم العبسيون فلحقوهم فقاتلوهم عمّا معهم، وعنترة يومئذ فيهم، فقال له أبوه: «كرّ يا عنترة»، فقال عنترة: «العبد لا يحسن الكر، إنّما يحسن الْحِلاب والصّر» فقال: «كرَّ وأنت حر». فَكرَّ، وقاتل يومئذ قتالًا حسنًا فادَّعاه أبوه بعد ذلك وألحقه بنسبه۔

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR