يا عَينِ جودي بِالدُموعِ الغِزار

يا عَينِ جودي بِالدُموعِ الغِزار
وَاِبكي عَلى أَروَعَ حامي الذِمار
فَرعٍ مِنَ القَومِ كَريمِ الجَدا
أَنماهُ مِنهُم كُلُّ مَحضِ النِجار
أَقولُ لَمّا جاءَني هُلكُهُ
وَصَرَّحَ الناسُ بِنَجوى السِرار
أُخَيَّ إِمّا تَكُ وَدَّعتَنا
وَحالَ مِن دونِكَ بُعدُ المَزار
فَرُبَّ عُرفٍ كُنتَ أَسدَيتَهُ
إِلى عِيالٍ وَيَتامى صِغار
وَرُبَّ نُعمى مِنكَ أَنعَمتَها
عَلى عُناةٍ غُلَّقٍ في الإِسار
أَهلي فِداءٌ لِلَّذي غودِرَت
أَعظُمُهُ تَلمَعُ بَينَ الخَبار
صَريعِ أَرماحٍ وَمَشحوذَةٍ
كَالبَرقِ يَلمَعنَ خِلالَ الدِيار
مَن كانَ يَوماً باكِياً سَيِّداً
فَليَبكِهِ بِالعَبَراتِ الحِرار
وَلتَبكِهِ الخَيلُ إِذا غودِرَت
بِساحَةِ المَوتِ غَداةَ العِثار
وَليَبكِهِ كُلُّ أَخي كُربَةٍ
ضاقَت عَلَيهِ ساحَةُ المُستَجار
رَبيعُ هُلّاكٍ وَمَأوى نَدىً
حينَ يَخافُ الناسُ قَحطَ القِطار
أَسقى بِلاداً ضُمِّنَت قَبرَهُ
صَوبُ مَرابيعِ الغُيوثِ السَوار
وَما سُؤالي ذاكَ إِلّا لِكَي
يُسقاهُ هامٍ بِالرَوي في القِفار
قُل لِلَّذي أَضحى بِهِ شامِتاً
إِنَّكَ وَالمَوتَ مَعاً في شِعار
هَوَّنَ وَجدي أَنَّ مَن سَرَّهُ
مَصرَعَهُ لاحِقُهُ لا تُمار
وَإِنَّما بَينَهُما رَوحَةٌ
في إِثرِ غادٍ سارَ حَدَّ النَهار
يا ضارِبَ الفارِسِ يَومَ الوَغى
بِالسَيفِ في الحَومَةِ ذاتِ الأُوار
يَردي بِهِ في نَقعِها سابِحٌ
أَجرَدُ كَالسِرحانِ ثَبتُ الحِضار
نازَلتَ أَبطالاً لَها ذادَةً
حَتّى ثَنَوا عَن حُرُماتِ الذِمار
حَلَفتُ بِالبَيتِ وَزُوّارِهِ
إِذ يُعمِلونَ العيسَ نَحوَ الجِمار
لا أَجزَعُ الدَهرَ عَلى هالِكٍ
بَعدَكَ ما حَنَّت هَوادي العِشار
يا لَوعَةً بانَت تَباريحُها
تَقدَحُ في قَلبي شَجاً كَالشَرار
أَبدى لِيَ الجَفوَةَ مِن بَعدِهِ
مَن كانَ مِن ذي رَحِمٍ أَو جِوار
إِن يَكُ هَذا الدَهرُ أَودى بِهِ
وَصارَ مَسحاً لِمَجاري القِطار
فَكُلُّ حَيٍّ صائِرٌ لِلبَلى
وَكُلُّ حَبلٍ مَرَّةً لِاِندِثار
الخنساء
الخنساء

تُمَاضِرُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ السُّلَمِيَّة، الشهيرة بالْخَنْسَاء، (575م - 24 هـ / 645م)، صحابية وشاعرة، أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت، واشتهرت برثائها لأخويها صخر ومعاوية اللذين قتلا في الجاهلية، ولُقبت بالخَنْساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها۔ هي أم عمرو تُماضِر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، من آل الشريد من سادات وأشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم في الجاهلية۔ كما اعتز النبي محمد ﷺ بالانتساب إلى بني سليم، فكان يقول: « أنا ابن الفواطم من قريش، والعواتك من سليم، وفي سليم شرف كثير »، وآل الشريد كانوا سادة بني سليم. وعمرو بن الحارث -أبو تُماضِر- كان من وفود العرب على كسرى، وكان يأخذ بيدي ابنيه معاوية وصخر في الموسم حتى إذا توسط الجمع قال بأعلی صوته: أنا أبو خيري مضر، فمن أنكر فليغير. فلا يغير عليه أحد. وكان يقول: من أتى بمثلهما أخوين من قبل فله حكمه. فتقر له العرب بذلك۔ البيئة زمان ومكان وطبيعة وأشخاص، يتفاعل معها تكون الشخص، ويتأثر بها أبناؤه. إنما تتضح شخصية إنسان بوضوح بيئته، وخصوصاَ أولئك الذين طواهم التاريخ، ولم نستطع أن نعرف إلا مظاهر بدأت في سلوكهم أو أقوالهم. والخنساء واحدة من هؤلاء، فقد تبين كيف أنها ولدت قبيل الإسلام وعاشت بعده، ولا أحد يعرف عنها، ولا يذكر من أوصافها شيئاً، الا حين تعرض لها «دريد بن الصمة» طالباً الزواج منها، وعندها فقط التفتنا إلى أنها جميلة، أسر جمالها فارس طالما أسر الفرسان۔

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR