إِنَّ عِرسي قَد آذَنَتني أَخيراً

إِنَّ عِرسي قَد آذَنَتني أَخيراً
لَم تُعَرِّج وَلَم تُؤامِر أَميرا
أَجِهاراً جاهَرتِ لا عَتبَ فيهِ
أَم أَرادَت خِيانَةً وَفُجورا
ما صَلاحُ الزَوجَينِ عاشا جَميعاً
بَعدَ أَن يَصرِمَ الكَبيرُ الكَبيرا
فَاِصبِري مِثلَ ما صَبَرتُ فَإِنّي
لا إِخالُ الكَريمَ إِلّا صَبورا
أَيَّ حينٍ وَقَد دَبَبتُ وَدَبَّت
وَلَبِسنا مِن بَعدِ دَهرٍ دُهورا
ما أَرانا نَقولُ إِلّا رَجيعاً
وَمُعاداً مِن قَولِنا مَكرورا
عَذَلَتني فَقُلتُ لا تَعذُليني
قَد أُغادي المُعَذَّل المَخمورا
ذا صَباحٍ فَلَم أُوافِ لَدَيهِ
غَيرَ عَذّالَةٍ تَهِرُّ هَريرا
عَذَلَتُهُ حَتّى إِذا قال إِنّي
فَذَريني سَأَعقِلُ التَفكيرا
غَفَلَت غَفلَةً فَلَم تَرَ إِلّا
ذاتَ نَفسٍ مِنها تَكوسُ عَقيرا
فَذَريني مِنَ المَلامَةِ حَسبي
رُبَّما أَنتَحي مَوارِدَ زورا
تَتَأَوّى إِلى الثَنايا كَما شَكَّ
ت صَناعٌ مِن العَسيبِ حَصيرا
خُلُجاً مِن مُعَبَّدٍ مُسبَطِرٍّ
فَقَّرَ الأُكَم وَالصُوى تَفقيرا
واضِحِ اللَونِ كَالمَجَرَّةِ لا يَع
دَمُ يَوماً مِنَ الأَهابِيِّ مورا
وَذِئاباً تَعوي وَأَصواتَ هامٍ
موفِياتٍ مَعَ الظَلامِ قُبورا
غَيرَ ذي صاحِبٍ زَجَرتُ عَلَيهِ
حُرَّةً رَسلَةَ اليَدَينِ سَعورا
أَخرَجَ السَيرُ وَالهَواجِرُ مِنها
قَطِراناً وَلَونَ رُبٍّ عَصيرا
يَومَ صَومٍ مِن الظَهيرَةِ أَو يَو
مَ حَرورٍ يُلَوِّحُ اليَعفورا
وَإِذا ما أَشاءُ أَبعَثُ مِنها
مَطلَعَ الشَمسِ ناشِطاً مَذعورا
ذا وُشومٍ كَأَنَّ جِلدَ شَواهُ
في دَيابيجَ أَو كُسينَ نُمورا
أَخرَجَتهُ مِنَ اللَيالي رَجوسٌ
لَيلَةً هاجَها السِماكُ دَرورا
غَسَلَتهُ حَتّى تَخالَ فَريداً
وَجُماناً عَن مَتنِهِ مَحدورا
في أُصولِ الأَرطي وَيُبدي عُروقاً
ثَئِداتٍ مِثلَ الأَعِنَّةِ خورا
واشِجاتٍ حُمراً كَأَنَّ بِأَظلافِ
يَدَيهِ مِن مائِهِنَّ عَبيرا
كَمُطيفِ الدَوّارِ حَتّى إِذا ما
ساطِعُ الفَجرِ نَبَّهَ العُصفورا
رابَهُ نَبأَةٌ وَأَضمَرَ مِنها
في الصَماخَينِ وَالفُؤادِ ضَميرا
مِن خَفِيِّ الطِمرَينِ يَسعى بِغُضفٍ
لَم يُؤَيِّهِ بِهِنَّ إِلّا صَفيرا
مُقعِياتٍ إِذا عَلَونَ يَفاعاً
زَرِقاتٍ عُيونُها لِتُغيرا
كالِحاتٍ مَعاً عَوارِضَ أَشداقٍ
تَرى في مَشَقِّها تَأخيرا
طافِياتٍ كَأَنَّهُنَّ يَعاسيبُ
عَشِيٍّ بارَينَ ريحاً دَبورا
ما أَرى ذائِداً يَزيدُ عَلَيهِ
غابَ عَنهُ أَنصارُهُ مَكثورا
بِأَسيلٍ صَدقٍ يُثَقِّفُهُ
فيهِنَّ لا نابِياً وَلا مَأطَورا
فَكَأَنّي كَسَوتُ ذَلِكَ رَحلي
أَو مُمَرَّ السَراةِ جَأباً دَريرا
أَو أَقَبّاً تَصَيَّفَ البَقلَ حَتّى
طارَ عَنهُ النَسيلُ يَرعى غَريرا
يَرتَعي بِالقَنانِ يَقرو أَريضاً
فَاِنتَحى آتُناً جَدائِدَ نورا
أَلصَقَ العَذمَ وَالعَذابَ بِقَبّاءَ
تَرى في سَراتِها تَحسيرا
سَمحَةٍ سَمحَجِ القَوائمِ حَقباءَ
مِنَ الجونِ طُمِّرَت تَطميرا
فَوقَ عوجٍ مُلسِ القَوائِمَ أُنعِلنَ
جَلاميدَ أَو حُذَينَ نُسورا
دَأَبَ شَهرَينِ ثُمَّ نِصفاً دَميكاً
بِأَريكَينِ يَكدُمانَ غَميرا
فَهِيَ مَلساءُ كَالعَسيبِ وَقَد بانَ
نَسيلٌ عَن مَتنِها لِيَطيرا
قَد نَحاها بِشَرِّهِ دونَ تِسعٍ
كانَ ما رامَ عِندَهُنَّ يَسيرا
كَالقِسِيِّ الأَعطالِ أَفرَدَ عَنها
آتُناً قُرَّحاً وَوَحشاً ذُكورا
مُرتِجاتٍ عَلى دَعاميصَ غَرقى
شُمُسٌ قَد طَوَينَ عَنهُ الحُجورا
تَرَكَ الضَربُ بِالسَنابِكِ مِنهُنُّ
بِضاحي جَبينِهِ تَوقيرا
عَلِقَت مُخلِفاً جَنيناً وَكانَت
مُنِحَت قَبلَهُ الحِيالَ نَزورا
مِثلَ دَرصِ اليَربوعِ لَم يَربُ عَنهُ
غَرِقاً في صَوانِهِ مَغمورا
فَإِذا ما دَنا لَها مَنَحَتهُ
مُضمَراً يَفرِصُ الصَفيحَ ذَكيرا
ذَكَرَ الوِردَ فَاِستَمَرَّ إِلَيهِ
بِعَشِيٍّ مُهَجِّراً تَهجيرا
جَعَلَ السَعدَ وَالقَنانَ يَميناً
وَالموارةَ شَأمَةً وَحَفيرا
عامِداً لِلقَنانِ يَنضو رِياضاً
وَطِراداً مِنَ الذِنابِ وَدورا
وَيَخافانِ عامِراً عامِرَ الخُض
رِ وَكانَ الذِنابُ مِنهُ مَصيرا
رامِياً أَخشَنَ المَناكِبِ لا يُش
خِصُ قَد هرَّهُ الهَوادي هَريرا
ثاوِياً ماثِلاً يُقَلِّبُ زُرقاً
رَمَّها القَينُ بِالعُيونِ حُشورا
شَرِقاتٍ بِالسُمِّ مِن صُلَّبِيٍّ
وَرَكوضاً مِنَ السَراءِ طَحورا
ذاتَ حِنوٍ مَلساءَ تَسمَعُ مِنها
تَحتَ ما تَنبِضُ الشِمالُ زَفيرا
يَبعَثُ العَزفُ وَالتَرَنُّمُ مِنها
وَنَذيرٌ إِلى الخَميسِ نَذيرا
وَأَحَسّا فَأَجفَلا حِسَّ رامٍ
كانَ بِالمُمكناتِ قِدماً بَصيرا
لاصِقٌ يَكلَأُ الشَريعَةَ لا يُغ
في فُواقاً مُدَمِّراً تَدميرا
كَعْبَ بْنْ زُهَيْرْ
كَعْبَ بْنْ زُهَيْرْ

أَبُو اَلْمِضْرَبِ كَعْبَ بْنْ زُهَيْرْ بْنْ أَبِي سُلْمَى اَلْمَزْنِي اَلْمُضَرِيَّ ( 26 هـ = 646م). شاعر مخضرم أدرك عصرين مختلفين هما عصر الجاهلية وعصر صدر الإسلام. كان ممن اشتهر في الجاهلية ولما ظهر الإسلام هجا النبي محمد، وأقام يشبب بنساء المسلمين، فأهدر دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول، فعفا عنه النبي، وخلع عليه بردته۔ هو: كعب بن زهير بن أبي سُلمَى ربيعة بن ريِاح بن قُرط بن الحارث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هُذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة۔ أمه: امرأة من بني عبد الله بن غطفان يقال لها كبشة بنت عمار بن عدي بن سحيم، وهي أم كل ولد زهير۔ نشأ كعب في أحضان والده الشاعر ووسط أسرة تقرض جميعها الشعر، فأبوه زهير وعمته سُلمَى والخنساء كلهم من الشعراء، كما أثرت هذه النشأة على أخيه "بجير" الذي أخذ الشعر أيضا عن أبيه. وكان زهير يحفظهم الشعر منه شعره ويقولون عن كعب أنه كان يخرج به أبوه إلى الصحراء فيلقي عليه بيتاً أو سطراً ويطلب أن يجيزه تمريناُ ودرّبه، كما أن كعباً كان في عصر ما قبل الإسلام شاعراً معروفاً أكثر من الحطيئة۔

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR