بَكَرَت عَلَيَّ بِسُحرَةٍ تَلحاني

بَكَرَت عَلَيَّ بِسُحرَةٍ تَلحاني
وَكَفى بِها جَهلاً وَطَيشِ لِسانِ
وَلَقَد حَفِظتُ وَصاةَ مَن هُوَ ناصِحٌ
لي عالِمٌ بِمَآقِطِ الخُلّانِ
حَتّى إِذا بَرَتِ العِظامَ زَجَرتُها
زَجرَ الضَنينِ بِعِرضِهِ الغَضبانِ
فَرَأَيتُها طَلَحَت مَخافَةَ نَهكَةٍ
مِنّي وَبادِرَةٍ وَأَيَّ أَوانِ
وَلَقَد عَلِمتِ وَأَنتِ غَيرُ حَليمَةٍ
أَلّا يُقَرِّبَني هَوىً لِهوانِ
هَبِلَتكِ أُمُّكِ هَل لَدَيكِ فَتُرشِدي
في آخِرِ الأَيّامِ مِن تِبيانِ
أَرعى الأَمانَةَ لا أَخونُ وَلا أُرى
أَبَداً أَدَمِّنُ عَرصَةَ الخَوّانِ
وََتَنكَّرَت لي بَعدَ وُدٍّ ثابِتٍ
أَنّى تَجامُعُ وَصَلِ ذي الأَلوانِ
يَوماً طِواعُكَ في القِيادِ وَتارَةً
تَلقاكَ تُنكِرُها مِن الشَنَآنِ
طَوراً تُلاقيهِ أَخاكَ وَتارَةً
تَلقاهُ تَحسَبُهُ مِن السودانِ
وَمَريضَةٍ قَفرٍ يُحاذَرُ شَرُّها
مِن هَولِها قَمِنٍ مِنَ الحَدَثانِ
غَبراءَ خاضِعَةِ الصُوى جاوَزتُها
لَيلاً بِكاتِمةِ السُرى مِذعانِ
حَرفٍ تَمُدُّ زِمامَها بِعُذافِرٍ
كَالجِذعِ شُذِّبَ ليفُهُ الرَيّانِ
غَضبى لِمَنسِمِها صَياحٌ بِالحَصى
وَقعَ القَدومِ بِغَضرَةِ الأَفنانِ
تَستَشرِفُ الأَشباحَ وَهيَ مُشيحَةٌ
بِبَصيرَةٍ وَحشِيَّةِ الإِنسانِ
خَوصاءَ صافِيَةٍ تَجودُ بِمائِها
وَسطَ النهارِ كَنُطفَةِ الحَرّانِ
تَنفي الظَهيرَةَ وَالغُبارَ بِحاجِبٍ
كَالكَهفِ صينَت دونَهُ بِصِيانِ
زَهراءُ مُقلَتُها تَردّدَّ فَوقَها
عِندَ المُعَرَّسِ مُدلِجُ القِردانِ
أَعيَت مَذارِعُها عَلَيهِ كَأَنَّما
تَنمي أَكارِعُهُ عَلى صَفوانِ
فَتَعَجرَفَت وَتَعَرَّضَت لِقَلائِصٍ
خوصِ العُيونِ خَواضِعِ الأَذقانِ
شَبَّهتُها لَهِقَ السَراةِ مُلَمَّعاً
مِنهُ القَوائِمُ طاوِيَ المُصرانِ
فَغَدا بِمُعتَدِلَينِ لَم يُسلَبُهُما
لا فيهِما عِوَجٌ وَلا نَقِدانِ
وَكِلاهُما تَحتَ الضَبابِ كَأَنَّما
دَهَنَ المُثَقِّفُ ليطَهُ بِدِهانِ
وَغَدا بِسامِعَتي وَأىً أَعطاهُما
حَذَراً وَسَمعاً خَالِقُ الآذانِ
كَعْبَ بْنْ زُهَيْرْ
كَعْبَ بْنْ زُهَيْرْ

أَبُو اَلْمِضْرَبِ كَعْبَ بْنْ زُهَيْرْ بْنْ أَبِي سُلْمَى اَلْمَزْنِي اَلْمُضَرِيَّ ( 26 هـ = 646م). شاعر مخضرم أدرك عصرين مختلفين هما عصر الجاهلية وعصر صدر الإسلام. كان ممن اشتهر في الجاهلية ولما ظهر الإسلام هجا النبي محمد، وأقام يشبب بنساء المسلمين، فأهدر دمه فجاءه كعب مستأمناً وقد أسلم وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول، فعفا عنه النبي، وخلع عليه بردته۔ هو: كعب بن زهير بن أبي سُلمَى ربيعة بن ريِاح بن قُرط بن الحارث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هُذمة بن لاطم بن عثمان بن مزينة۔ أمه: امرأة من بني عبد الله بن غطفان يقال لها كبشة بنت عمار بن عدي بن سحيم، وهي أم كل ولد زهير۔ نشأ كعب في أحضان والده الشاعر ووسط أسرة تقرض جميعها الشعر، فأبوه زهير وعمته سُلمَى والخنساء كلهم من الشعراء، كما أثرت هذه النشأة على أخيه "بجير" الذي أخذ الشعر أيضا عن أبيه. وكان زهير يحفظهم الشعر منه شعره ويقولون عن كعب أنه كان يخرج به أبوه إلى الصحراء فيلقي عليه بيتاً أو سطراً ويطلب أن يجيزه تمريناُ ودرّبه، كما أن كعباً كان في عصر ما قبل الإسلام شاعراً معروفاً أكثر من الحطيئة۔

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR