أبي

أمات أبوك؟
ضلالٌ! أنا لا يموت أبي.
ففي البيت منه
روائح ربٍ.. وذكرى نبي
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته. تبغه. متكاه
كأن أبي بعد لم يذهب
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً أشف من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساح
بقايا النور على الملعب
أجول الزوايا عليه، فحيث
أمر .. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا، والحديث
حديث الكؤوس على المشرب
يسامرنا.. فالدوالي الحبالى
توالد من ثغره الطيب..
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب..
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكب..
*
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءك يمشي، فلا تعتب..
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيب
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيأ للناس أني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟
*
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي..
نزار قباني
نزار قباني

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر ودبلوماسي، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رواد المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان «قالت لي السمراء» وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها «طفولة نهد» و«الرسم بالكلمات»، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم «منشورات نزار قباني» وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما «القصيدة الدمشقية» و«يا ست الدنيا يا بيروت». أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب «النكسة» مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه «شاعر الحب والمرأة» لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته «هوامش على دفتر النكسة» عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة: (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا)۔ على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته «الأمير الخرافي توفيق قباني». عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة «متى يعلنون وفاة العرب؟»، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق۔

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR