عَلَى أَيِّ رَغْمٍ ظَلْتُ أَغْضِي وَأُكْظِمُ

عَلى أَيِّ رَغمٍ ظَلتُ أُغضي وَأكظِمُ

وَعَن أَيِّ حُزنٍ باتَ دَمعي يُتَرجِمُ

أَجَدُّكَ ما تَنفَكُّ أَلسُنُ عَبرَةٍ

تُصَرِّحُ عَمّا كُنتَ عَنهُ تَجَمجِمُ

كَأَنَّكَ لَم تَركَب غُروبَ فَجائِعٍ

شَباهُنَّ مِن هاتا أَحَدُّ وَأَكلَمُ

بَلى غَيرَ أَنَّ القَلبَ يَنكَؤُهُ الأَسى ال

مُلِمُّ وَإِن جَلَّ الجَوى المُتَقَدِّمُ

وَكَم نَكبَةٍ زاحَمتُ بِالصَبرِ رُكنَها

فَلَم يلفَ صَبري واهِياً حينَ يَزحَمُ

وَلَو عارَضَت رَضوى بِأَيسَرِ دَرئِها

صَبوراً عَلى مَكروهِها حينَ تَعجُمُ

وَمَن يَعدَمِ الصَبرَ الجَميلَ فَإِنَّهُ

وَجَدِّكَ لا مَن يَعدِمُ الوَفرَ مُعدِمُ

أَصارِفَة عَنّي بَوادِرَ حَدِّها

فَجائِعُ لِلعَلياءِ توهي وَتَحطِمُ

لَها كُلَّ يَومٍ في حِمى المَجدِ وَطَأَة

تَظَلُّ لَها أَسبابُهُ تَتَجذَّمُ

إِذا أَجشَمَت جَيّاشَةً مُصمَئِلَّةً

قَفَت إِثرَها دَهياءُ صَمّاءُ صَيلَمُ

أَمِ الدَهرُ أَن لَن تَستَفيقَ صُروفُهُ

مُصَرِّفَةً نَحوي فَجائِعَ يقسمُ

وَساءَلتِ عَن حَزمٍ أُضيعَ وَهَفوَةٍ

أُطيعَت وَقَد يَنبو الحُسامُ المُصَمِّمُ

فَلا تُشعِري لَذعَ المَلامِ فُؤادَهُ

فَإِنَّكِ مِمَّن رُعتِ بِاللَومِ أَلوَمُ

وَلَم تَرَ ذا حَزمٍ وَعَزمٍ وَحِنكَةٍ

عَلى القَدَرِ الجاري عَلَيهِ يُحَكَّمُ

مَتى دَفَعَ المَرءُ الأَريبُ بِحيلَةٍ

بَوادِرَ ما يُقضى عَلَيهِ فَيُبرمُ

وَلَو كُنتُ مُحتالاً عَلى القَدَرِ الَّذي

نَبا بي لَم أُسبَق بِما هُوَ أَحزَمُ

وَلَكِنَّ مَن تُملَك عَلَيهِ أُمورُهُ

فَمالِكُها يُمضي القَضاءَ فَيَحتِمُ

وَما كُنتُ أَخشى أَن تَضاءَلَ هِمَّتي

فَأُضحي عَلى الأَجنِ الصَرى أَتَلَوَّمُ

كَأَنَّ نَجيّاً كانَ يَبعَثُ خاطِري

قَرينُ إِسارٍ أَو نَزيفٌ مُهَوِّمُ

وَما كُنتُ أَرضى بِالدَناءَةِ خُطَّةً

وَلي بَينَ أَطرافِ الأَسِنَّةِ مَقدمُ

وَما أَلِفَت ظِلُّ الهُوَينا صَريمَتي

وَكَيفَ وَحَدّاها مِنَ السَيفِ أَصرَمُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الحُرَّ يَستَعذِبُ المنى

تُباعِدُهُ مِن ذِلَّةٍ وَهيَ عَلقَمُ

وَيَقذِفُ بِالأَجرامِ بَينٌ بِها الرَدى

إِذا كانَ فيهِ العِزُّ لا يَتَلَعثَمُ

سَأَجعَلُ نَفسي لِلمَتالفِ عُرضَةً

وَأَقذِفُها لِلمَوتِ وَالمَوتُ أَكرَمُ

بِأَرضِكَ فَاِرتَع أَو إِلى القَبرِ فَاِرتَحِل

فَإِنَّ غَريبَ القَومِ لَحمٌ مُوَضَّمُ

تَنَدَّمتُ وَالتَفريطُ يُجني نَدامَةً

وَمَن ذا عَلى التَفريطِ لا يَتَنَدَّمُ

يُصانِعُ أَو يُغضي العُيونَ عَنِ القَذى

وَيُلذَعُ بِالمُرّى فَلا يَتَرَمرَمُ

عَلى أَنَّني وَالحُكمُ لِلَّهِ واثِقٌ

بِعَزمٍ يَفضُّ الخَطبَ وَالخَطبُ مُبهَمُ

وَقَلبٍ لَو أنَّ السَيفَ عارَضَ صَدرَهُ

لَغادَرَ حَدَّ السَيفِ وَهوَ مُثَلَّمُ

إِلى مِقوَلٍ تَرفَضُّ عَن عَزَماتِهِ

أَوابِدُ لِلصُمِّ الشَوامِخِ تقضمُ

صَوائِبُ يَصرَعَن القُلوبَ كَأَنَّما

يَمُجُّ عَلَيها السُمَّ أَربَدُ أَرقَمُ

وَما يَدَّري الأَعداءُ مِن مُتَدَرِّع

سَرابيلَ حَتفٍ رَشحُها المِسكُ وَالدَمُ

أَبَلَّ نَجيدٍ بَينَ أَحناءِ سَرجِهِ

شِهابٌ وَفي ثَوبَيهِ أَضبَطُ ضَيغَمُ

إِذا الدَهرُ أَنحى نَحوَهُ حَدَّ ظُفرِهِ

ثَناهُ وَظُفرُ الدَهرِ عَنهُ مُقَلَّمُ

وَإِن عَضَّهُ خَطبٌ تَلَوّى بِنابِهِ

وَأَقلَعَ عَنهُ الخَطبُ وَالنابُ أَدرَمُ

وَلَم تَرَ مِثلي مُغضباً وَهوَ ناظِرٌ

وَلَم تَرَ مِثلي صامِتاً يَتَكَلَّمُ

بِالشِعرِ يُبدي المَرءُ صَفحَةَ عَقلِهِ

فَيُعلِنُ مِنهُ كُلَّ ما كانَ يَكتُمُ

وَسِيّانِ مَن لَم يَمتَطِ اللُبّ شِعرَهُ

فَيَملِكُ عِطفَيهِ وَآخَرُ مُفحَمُ

جَوائِبُ أَرجاءِ البِلادِ مُطِلَّةٌ

تُبيدُ اللَيالي وَهيَ لا تَتَخَرَّمُ

أَلَم تَرَ ما أَدَّت إِلَينا وَسَيَّرَت

عَلى قِدَمِ الأَيّامِ عادٌ وَجُرهُمُ

هُمُ اِقتَضَبوا الأَمثالَ صَعباً قِيادها

فَذَلَّ لَهُم مِنها الشَريسُ الغَشَمشَمُ

وَقالوا الهَوى يَقظانُ وَالعَقلُ راقِدٌ

وَذو العَقلِ مَذكورٌ وَذو الصَمتِ أَسلَمُ

وَمِمّا جَرى كَالوَسمِ في الدَهرِ قَولُهُم

عَلى نَفسِهِ يَجني الجَهولُ وَيُجرِمُ

وَكَالنارِ في يَبسِ الهَشيمِ مَقالُهُم

أَلا إِنَّ أَصلَ العودِ مِن حَيثُ يُقضَمُ

فَقَد سَيَّروا ما لا يُسَيِّرُ مِثلَهُ

فَصيحٌ عَلى وَجهِ الزَمانِ وَأَعجَمُ
ابن دريد
ابن دريد

ابن دريد الأزدي 223 - 321 هـ / 838 - 932 م محمد بن الحسن بن دريد الأزدي القحطاني، أبو بكر من أزد عمان من قحطان. من أئمة اللغة والأدب. كانوا يقولون: ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. وهو صاحب (المقصورة الدريدية - ط) ولد في البصرة وانتقل إلى عمان فأقام اثني عشر عاماً وعاد إلى البصرة ثم رحل إلى نواحي فارس فقلده "آل ميكال" ديوان فارس، ومدحهم بقصيدته (المقصورة) ثم رجع إلى بغداد واتصل بالمقتدر العباسي فأجرى عليه في كل شهر خمسين ديناراً فأقام إلى أن توفي. ومن كتبه (الاشتقاق - ط) في الأنساب، منه مخطوطة نفيسة في الخزانة العامة بالرباط، بخط ابن مكتوم القيسي، و (المقصور والممدود - ط) و (شرحه - خ) و (الجمهرة - ط) في اللغة، ثلاثة مجلدات، أضاف إليها المستشرق كرنكو مجلداً رابعاً للفهارس، و (ذخائر الحكمة - خ) رسالة، و ( المجتنى - ط) و (صفة السرج واللجام - ط) و ( الملاحن - ط) و (السحاب والغيث - ط) و (تقويم اللسان) و (أدب الكاتب) و (الأمالي- خ) السابع منه، رأيته في خزانة الرباط، وهو صغير، كتب في دمشق سنة 641 بخط (علي بن أبي طالب الحسيني) و (الوشاح) و (زوار العرب) و (اللغات).

More poems from same author

Unlock the Power of Language & AI

Benefit from dictionaries, spell checkers, and character recognizers. A revolutionary step for students, teachers, researchers, and professionals from various fields and industries.

Lughaat

Empower the academic and research process through various Pakistani and international dictionaries.

Explore

Spell Checker

Detect and correct spelling mistakes across multiple languages.

Try Now

OCR

Convert images to editable text using advanced OCR technology.

Use OCR